top of page

تسويق الاشخاص

هل تعتقد أن التسويق قد اكتفى حقاً بالسيطرة على المنتجات والخدمات؟

كما أخبرتك فعروض السوق لا تتوقف عند المنتجات والخدمات، ولكنها تعدتها لتشمل كثير من الكيانات الأخرى مثل الأفكار، وحملات التطوع، والبلاد، المعلومات، و الأشخاص.. تسويق الأشخاص – person marketing هو فن قديم منذ الأزل، وكان أبرز شكل لهذا النوع من التسويق هو للسياسيين ورجال الدولة من أجل السيطرة والتحكم.

عندما أخذ التسويق شكله الحديث وتحول من مجرد فن إلى علم كامل وشامل يؤدى إلى النجاح والسيطرة، بدأ مجال تسويق الأشخاص يختلف بشكل جذرى وأصبح هو الآخر علم يعمل به خبراء التسويق والعلاقات العامة (أداة من أدوات التسويق).

قبل أن أعطيك مثالاً على تسويق الأشخاص، ألمّح إلى أن تسويق الأشخاص يختلف عن الدعاية للأشخاص.. فالبالتأكيد إذا كنت متابع للمقالات فوق المئة التى تحملها هذه المدونة، فستكتشف أن الدعاية للشخص تكتفى بتطوير بعض الأنشطة التى تهدف إلى شهرة ونشر اسم هذا الشخص ومحاولة دفعه بشكل أنيق إلى المجتمع، أما تسويق الشخص فهو يرتفع مراحل فوق هذه المرحلة ويخبرك بأن عليك اكتشاف احتياجات المجتمع ثم تبدأ على أساس هذه الاحتياجات فى دفع الشخصيات المناسبة إلى هذا المجتمع.

سأعطيك مثال عملى قريب..، فى مصر ندخل قريباً على انتخابات برلمانية ورئاسية، تبدأ الأحزاب فى تطوير الخطط الدعائية وقنوات العلاقات العامة التى ستستخدمها، تبدأ بالنزول فى مهرجانات واحتفاليات فى المدن والقرى لتوضيح برامجها الانتخابية (علاقات عامة)، مع بعض اللافتات الخارجية (outdoor advertising)، مع النزول أحياناً للشباب والناس فى الشوارع والتحدث معهم واقناعهم بهذه البرامج الانتخابية وضرورة التصويت لهم (بيع شخصى – personal selling) إن جاز التعبير!

الآن تقف الأحزاب التى تفهم وتطبق التسويق على مرحلة أعلى من هذه المرحلة، فتبدأ فى النزول مبكراً إلى هذه القرى والمدن، وتبدأ فى استكشاف حاجات هذه المناطق (Market research) وتبدأ فى تسجيل كل ماتراه مناسب لتسميته حاجة يمكن العمل عليها وإشباعها فى برامجها الانتخابية.

تكتشف حينها أن احتياجات القرى تختلف عن المدن، وحتى تختلف من قرية إلى قرية ومن مدينة إلى أخرى، فإذا كانت هنا الاحتياجات بسيطة وتتركز فى كيفية إيجاد ظروف اقتصادية أفضل، تجد هناك الاحتياجات تكمن فى الحاجة إلى العمل والوظائف الغير متاحة، ثم تجدها تتحول فى مستوى أعلى إلى الحاجة لفكر سياسى معين يريدون اتباعه، وهكذا هى الاحتياجات تتغير وتتبدل من مكان إلى آخر.

ذكاء الأشخاص المرشحين التسويقى فى هذا الوقت، أو ذكاء الأحزاب المحتوية لهم أن تبحث عن هذه الاحتياجات، ثم تجد لها الأشخاص المناسبين بحملات دعائية مناسبة، حينها ستدرك النجاح أسرع كثيراً من طرق الدعاية الفرعونية. أخيراً أعطيك مثال واضح آخر فى تسويق الأشخاص، فأمريكا وهى فى رأيى تعتبر البلد الأولى فى تطبيق علم التسويق فى شكله الحديث، تستطيع أن تريك عملياً كيف تسوق للأشخاص عندها عموماً والسياسيين خصوصاً، فكل مرشح رئاسى فى الولايات المتحدة تجده يبدأ حملته مبكراً جداً بتحديد خاص لاحتياجات الولايات كل ولاية على حدة، ثم تحديد الحاجة الأكبر للبلاد، والتى تختلف من عقد لعقد، فمرة تكون القضاء على العنصرية، ومرة وضع البلاد فى حالة سلام وإنهاء الحروب، ومرة فى تحقيق الرفاهية، ومرة فى القضاء على الإرهاب، وآخرها مع أوباوما فى تحقيق الإصلاح الاقتصادى.

على العموم، فإن تسويق الأشخاص لا يختلف عن تسويق أى شئ آخر، فخطواته واستراتيجياته وبرامجه يمكن تطبيقها على أى كيان، طالما تمكنت من فهم التسويق.

٥ مشاهدات٠ تعليق

أحدث منشورات

عرض الكل

اسباب لتحب التسويق

"ينزل هذا الشاب المسكين من الباص و يجفف عرقه قبل أن يعدّل من الحقيبة العملاقة على ظهره وينظر فى الورقة المدوّن عليها العنوان التالى،...

Comments


bottom of page